فتنة الطيونه
    

في واقع لا يُحسد عليه ما زال يعيشه لبنان الدولة واللبنانيون من ضائقة مالية واقتصادية تحاول السفارة الأمريكية ببيروت وحليفتها السفارة السعودية تأجيج الوضع الأمني بحرب طائفية تشمل عموم لبنان. محاولات متكررة قامت بها بيادق هذين السفارتين آخرها إعتداء نفذته جماعة تكفيرية ضد أفراد من "حزب الله "في "خلده" 1 آب من هذا العام وقع جرائه شهداء. ثم تكرر نفس المشهد هذا الأسبوع 14 من الشهر الجاري حيث أقدمت عناصر ميليشياوية تابعة الى حزب القوات اللبنانية باستهداف محتجين سلميين تابعين الى حزب الله وحركة أمل بالرصاص من فوق عمارة سكنية كان ذلك في منطقة الطيونه ببيروت راح ضحيتها سبعة أفراد شهداء وأكثر من ستين جريحا. أثبتت الوقائع على موقع الجريمة والإشتباك أن التظاهرة التي نظمها حزبُ الله اللبناني وحركة أمل في منطقة الطيونه باتجاه قصر العدل بغرض تسليم طلب اعتراض ضد القاضي طارق البيطار كما يدّعي المحتجون أنه يعمل على تسييس مهمته القضائية بشأن التحقيق في ملف تفجير مرفأ بيروت في 4 آب 2020. مهنية التحقيق بالإعتداء الذي حصل بالرصاص من فوق البنايات الشاهقة على المتظاهرين لإظهار النتائج الصحيحة لا يستدعي البحث في هوية حزب الله وحركة أمل وحتى القوات اللبنانية، أو البحث في قضايا سياسية واجتماعية خارج هذه المهمة. فالتحقيق المجرَّد عن المسار السياسي هو الكفيل بالوصول الى الحقيقة عندما تكون أدواته سليمة وخالية من تدخلات قوى الداخل وتدخلات الخارج المؤثرة على لجان التحقيق. فالمهمة القضائية في التحقيق تستلزم التعرف على أهداف المتظاهرين، وأنهم سلميين كانوا أم مسلحين، وهل يكفل القانون حق التظاهر من عدمه، وما الغرض من وجود مسلحين فوق تلك البنايات وإطلاقهم الرصاص في ذلك التوقيت؟

الكاميرا خير شاهد يعتمد عليها التحقيق العدلي فهي أكثر مصداقية من تصريحات وإفادات أي طرف يحاول تشويه الحقائق. أما لو افترضنا عدم مشروعية التظاهرة فهو ذنب تعترض عليه وتعالجه المؤسسات الأمنية في الدولة وليست عصابات مسلحة تصعد على الشرفات فتمطر بالرصاص أناسا ظهروا على الكاميرا سلميين، وقد سقطوا مضرجين بدمائهم نتيجة القنص المتعمد. فالسلوكيات التي اعتمدها سمير جعجع وتعاطيه في السياسة تُظهر إستهتاره وشعوره بالجبروت حين يتذكر دعم السفارتين الأمريكية والسعودية المستمر له، ويتذكر أن إسرائيل راضية عنه عندما يستنكر سلاح المقاومة ويسميه "المنفلت" ويقف بوجه حزب الله في صراعه مع هذا الكيان. فدفاع جعجع عن مصير ملف التحقيقات بشأن مرفأ بيروت ليس له قيمة مادامت ارتباطاته بأعداء لبنان موثقة ويتحرك بأوامرهم. لقد احترق مرفأ بيروت واحترقت معه الممتلكات، وفقدَ الشعبُ اللبناني الكثير من أبنائه نتيجة الإهمال المتعمد في عملية تخزين المواد المتفجرة دون مراعاة مخاطرها ومعرفة المتربص الذي يريد أن يجعل منها وسيلة دمار شامل ضد لبنان، مع أن هذا الحدث المهول لا يكفي لصنّاع الفتن والسياسات المنحرفة لأن المرفأ وما يحيط به هو جزء من مساحة لبنان بينما مشروع الخراب الذي تطمع به السفارة الأمريكية والسعودية في بيروت هو أكبر بكثير حتى يشمل كل مساحة لبنان. الذي يحقق الأهداف هم أدوات السفارتين في الداخل اللبناني عن طريق إشعال الفتن والإقتتال بين الأطراف المتنافسة. فكما تُبين الأحداث على الأرض أن حزب القوات اللبنانية بقيادة "سمير جعجع" هو الأداة الأهم في صناعة الفتنة وتأجيج الوضع اللبناني الهش لخلط الأوراق من أجل إبعاد الشبهة عن الفاعل الحقيقي الذي اعتمدته إسرائيل في تفجيرات المرفأ.  

يقابل هذا المشروع ومحاولات تنفيذه هو الصبر الذي تسلح به حزب الله وحلفائه من موقع القوة والحرص على مصلحة لبنان والمواطن فهو عين الحكمة والرأي السديد كما تبينه الوقائع التي تؤكد أن السلاح المنفلت هو بيد عصابات جعجع وحلفائه الذي استخدمه بقتل مواطني الداخل ولم يُجَّه يوما لأعداء الخارج. فما يتكرر على أللسنة المنافقين من حلفاء وسياسيين ومحللين الحديث عن "السلاح المنفلت" الذي بحوزة حزب الله كمحور مقاومة يواجه به الأطماع التوسعية ومخاطر إسرائيل هو ادعاء من أجل تحقيق "فتن ومآرب جعجع" بجعل لبنان تحت الوصايا الأمريكية السعودية، فيضيع حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وتنحدر الأمة نحو الضياع والعجز.

الجميع بانتظار التحقيقات بشأن الإعتداء على المواطنين برصاص الغدر من قبل عصابات جعجع في الطيونه، ولو ثبت الجرم على الجاني فليس من وسيلة أمام القضاء اللبناني إلا تجميد عمل حزب القوات اللبنانية واعتقال سمير جعجع وكل المتورطين بجرائم جنائية في الطيونه وما سبقتها، وتقديمهم لمحاكمةٍ عادلة.  

Twitter………Qasim.ALkefaee.canada

 

محرر الموقع : 2021 - 10 - 18