الجالية و خطب صلاة الجمعة (ح 1) (علاقة الأخلاق بالدين)‎
    
د. فاضل حسن شريف
 
بسم الله الرحمن الرحيم "وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍۢ" (القلم 4) تحدث خطيب جمعة مسجد الإمام الحسين عليه السلام بمدينة تورنتو الكندية الشيخ حسن العامري عن موضوع (علاقة الأخلاق بالدين) وابتدأ بالاية المباركة القلم 4، وقدم العزاء بشهادة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وسأل الله تعالى أن نكون من التابعين على خطاه. ثم قال إنه سر إلهي إن القرآن الكريم ذكر  خصلة النبي الأكرم بشكل مباشر بأنه ذو خلق عظيم في آية واحدة، مع العلم أنه ذكر في آيات بأنه رؤوف وهادي وبشير وسراج منير ونذير ضمن سياقات مختلفة. ولكن المفسرون يذكرون أن سبب ذكر الخلق العظيم ان الجزيرة العربية ومنهم قريش كان مجتمعها بخلق واطيء. فعندما تظهر شخصية بهذه الأخلاق السامية وتدعوهم الى عقيدة الاسلام يكون القبول سهلا عكس الاخلاق الغليظة. 
فصاحب الدعوة عليه أن يكون ذو خلق عال. لذلك يعتبرون الناس ان علماء الدين اخلاقهم اعلى من بقية الناس، لان الأخلاق الرديئة تعاكس مسار الدين. ولهذا يدخل الناس في دين الله افواجا "وَرَأَيْتَ ٱلنَّاسَ يَدْخُلُونَ فِى دِينِ ٱللَّهِ أَفْوَاجًا" (النصر 2) بسبب أخلاق قادة الدين. فمجتمعات اندونيسيا وماليزيا دخلوا الإسلام بسبب أخلاق المسلمين التجار. النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم تحدث على أهمية الأخلاق وهو القائل (أتدرون ما المفلِسُ؟ قالوا: المفلِسُ فينا من لا درهمَ له ولا متاعَ. فقال: إنَّ المفلسَ من أمَّتي، يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مالَ هذا، وسفك دمَ هذا، وضرب هذا. فيُعطَى هذا من حسناتِه وهذا من حسناتِه. فإن فَنِيَتْ حسناتُه قبل أن يقضيَ ما عليه، أخذ من خطاياهم فطُرِحت عليه ثمَّ طُرِح في النَّارِ). فعلينا ان نكون حذرين في تعاملنا مع الاخرين لكي لانسيء التصرف الخلقي حيث جاء في الحديث الشريف (إن من أحبِّكم إليَّ، وأقربِكم مني مجلسًا يوم القيامة، أحاسنَكم أخلاقًا) فلم يقل صلى الله عليه وآله وسلم احسنكم صلاة وصياما وصدقة.  
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يا أبا ذر ألا أدلك على أفضل العبادة وأخفها على البدن وأثقلها في الميزان وأهونها على اللسان؟ قلت: بلى فداك أبي وأمي، قال: عليك بطول الصمت وحسن الخلق) الصمت لا يعني عدم الكلام وانما تحديده بما ينفع. ومن أسباب وصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالخلق العظيم لأن الغرض من أحكام الرسالة هي الاخلاق. فمثلا صلاة العبد لا يحتاجها الله تعالى "إِن تَكْفُرُوا أَنتُمْ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ" (ابراهيم 8) انما يطلب الله سبحانه من عبده ان يصلي لان الصلاة تؤثر على سلوك الانسان.
 فعندما تكون علاقتك مع الاسرة والجيران والمجتمع سيئة فما الفائدة من العبادة. فكما جاء ان النبي صلى الله عليه وآله عاتب شخصا يقوم الليل في العبادة ولكنه سيئ الخلق. فهكذا شخص لم يخلص في عبادته. ان العبادة الصحيحة تصحح مسير الحياة وتشحن الايجابيات مثل الصبر وتدفع السلبيات "لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ" (الاحزاب 21) وكما جاء في الحديث الشريف (تخلّقوا بأخلاق الله). 
وأختتم خطيب جمعة مسجد الإمام الحسين عليه السلام الشيخ العامري خطبته قائلا فالله سبحانه وتعالى اختار نبيا صادقا أمينا قبل الرسالة. عندما تشاهد أخلاق النبي وأهل بيته عليهم السلام فإن الإيمان بالرسالة تصبح تحصيل حاصل. قال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). 
محرر الموقع : 2024 - 02 - 18