الأيزيدية مثال للمظلومين: رفض العدوان في القرآن الكريم (ح 1)‎
    
د. فاضل حسن شريف
 

الاقلية المظلومة مثل الأيزيدية عندما تدعو الله فانها ستنتصر بعونه تعالى "فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ"  (ال عمران 146) و"إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا" (الانفال 65). فالأقلية الأيزيدية بدعائها ودعاء المظلومين من تركمان وآخرين على مغتصبيهم الذي قدموا الى سنجار وتلعفر، دحرهم الله جل جلاله بمعاونة المخلصين من أبناء العراق. ويجوز للاقلية المضطهدة  مثل الأيزيدية ان ترد عدوان المعتدين عليها"وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَاعَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ" (الشورى 41). وهذا يتم بتشكيل مجموعة يتم تدريبهم حتى يدافعوا عن أهلهم عند الاعتداء عليهم من قبل شذاذ الآفاق الوحوش الكاسرة. وعلى المجتمعات المتمكنة ان تدافع عن الاقليات المقهورة من باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر"الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ" (الحج 41). لذلك على المجتمعات المتمكنة مثل الأكثرية العربية أن تدافع على الأقليات المضطهدة لا أن تساعد المعتدين فينزل البلاء عليهم جميعا كما حصل لأنهم لم ينهوا عن منكر وسكتوا عنه ان لم يساندوا المعتدين على أهل سنجار وتلعفر وقرقوش من الأيزيديين والتركمان والمسيحيين والاقليات الاخرى في الموصل.

والشعائر تعني محارم ايضا "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" (المائدة 2). ومن هذا المنطلق فالاعتداء على الشعائر الدينية للأديان يعتبر عدوان حرمه الله سبحانه وتعالى ومنها مراكز العبادة وشعائر الأقلية الأيزيدية.

وعقدت ندوة للامم المتحدة عام 2014 حول حماية حقوق الاقليات جاء فيها: يسيئ المتطرفون وأصحاب النظريات المتطرفة استخدام الدين ويحرضون على الكراهية لتعزيز العداء تجاه الأقليات الأخرى الذين يتبنون معتقدات أو عقائد مختلفة. وبذلك، يناقض أولئك الأصوليون  أهم المبادئ المقدسة للديانات المقدسة. لا يدعو أي من الأديان الموجودة إلى العنف أو التعصب. في هذا السياق، يجب على الأمم المتحدة أن تعيد فرض الإطار القانوني الدولي لتطبيق متعدد الأطراف ل"مسؤولية حماية الناس" Responsibility to protect من الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية وكافة أشكال العدوان الظالم. من خلال الدروس المستفادة من فشل وقف فظائع الإبادة الجماعية الأخيرة للتعصب العرقي والديني، وما نواجه في الوقت الحاضر من انتهاكات واسعة النطاق واضحة لحقوق الإنسان الأساسية والقانون الإنساني الدولي، لإن الوقت هو للقرارات الشجاعة. لذلك يتطلب الاستفادة من مخرجات هذه الندوة العالمية في تحديد حقوق الأقلية الأيزيدية في العراق.

اجتماع الفاسدين في الخفاء يراقبه الله حيث يتناجون بالإثم والعدوان. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أحد أساليب مكافحة الفساد"وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (ال عمران 104) فحاملوا مكافحة الفساد الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر أنهم المفلحون حقا. وهذا يشمل الفاسدين الذين يسرقون الأموال المخصصة للضحايا الأيزيديين وعوائلهم. على الآخرين فضحهم وكشفهم لأن ذلك أمر بالمعروف ونهي عن المنكر.

من فوائد الرياضة ملأ الفراغ الذي قد يؤدي الى مشاكل وسلبيات فبالرياضة نبتعد عن المشاكل المجتمعية والاسرية ومن فوائد الرياضة تنمية روح التعاون "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" (المائدة 2). ويتطلب من الحكومة العراقية توفير ملاعب ومراكز للشباب الايزيدي وخاصة للذين عانوا من الفترة المظلمة السابقة لملء فراغهم وتقليل المشاكل والسلبيات الناتجة عن ذكرياتهم المؤلمة السابقة.

يقول الدكتور عبد الحميد العباسي عن عفا الله عما سلف ان الآية تخص المغفلين أما الناس اليوم مُبَلغون وليسوا غافلين، مبلغون بواسطة الانظمة والقوانين والدساتير بما يجوز وما لا يجوز لهم فعله، فهم ليسوا عن الأحكام والحدود غافلين. لذا فالعفو عن اخطائهم وعدوانهم يصبحُ غيرَ واردٍ. فالحكومة ليس لها ان تعفوا عمن اضرَّ بمواطنيها بل العكس، الحكومة (المدعي العام) ملزمة بمقاضاة المعتدي وانصاف المظلوم. اقول ان الدكتور العباسي وضع النقاط على الحروف فإن الاية "عفا الله عما سلف" (المائدة 95) من ناحية العفو فتطبق على من كان في الجاهلية ولم يعلم بنزول الحكم، ولكن بعد تشريع القوانين الإسلامية فالخطأ المتعمد والمتكرر مرات ولعدد من السنوات كما حصل مع الأيزيديين الأبرياء لا يتم العفو عنه لانه لم يحصل ليوم أو يومين وانما استمر لسنوات، ويتطلب عدم الغفلة. لذلك يتطلب مقاضاة المعتدي ومن ساندوه، وانصاف المظلومين الايزيديين والتركمان والمسيحيين الذين اضطهدوا.

 
 
 
 
 
محرر الموقع : 2024 - 02 - 19