40 سياسيّاً مدانون بالاختلاس شُملوا بقانون العفو وبدأوا التسديد للخزينة
    

شملت إجراءات قانون العفو العام الذي أقره مجلس النواب في آب الماضي أكثر من أربعين سياسياً مداناً بعمليات اختلاس للمال العام بعدما سرقوا ما يزيد على أربعة مليارات دولار خلال السنوات القليلة الماضية.

وبحسب لجنة النزاهة البرلمانية إن بعضاً من هولاء المدانين بدأوا بتسديد ما بذمتهم من أموال إلى خزينة الدولة معتمدين بذلك على فقرات في قانون العفو تشترط إطلاق سراح مختلسي المال العام بعد تسديد ما بذمتهم من أموال.
وكشف نواب أن حجم الأموال التي سددت من قبل هؤلاء المدانين وصلت إلى ما يقرب من (500) مليون دولار. ويؤكدون شمول وزير التجارة السابق فلاح السوداني في إجراءات قانون العفو في حال سدد ما بذمته من أموال. 
ويكشف رئيس لجنة النزاهة البرلمانية طلال الزوبعي في تصريح لـ(المدى)، عن "شمول أكثر من أربعين سياسياً مداناً بعمليات هدر واختلاس للمال العام في إجراءات قانون العفو العام الذي شرّعه مجلس النواب"، مؤكداً أن "هذه الإجراءات تشترط تسديد ما بذمتهم من المال العام مقابل إطلاق سراحهم".
وصوّت البرلمان، نهاية آب 2016، على قانون العفو العام الذي استثنى 13 فئة من الجرائم، منها: الجريمة الإرهابية التي نشأ عنها قتل أو عاهة مستديمة، وجرائم الاتجار بالبشر، لكنه شمل عمليات الاختلاس شريطة تسديد الأموال المختلسة.
ويبيّن الزوبعي أن "هناك عدداً من السياسيين المدانين بعمليات اختلاس شملوا بقانون العفو العام وأعادوا ما بذمتهم من مال عام يزيد على (500) مليون دولار"، كاشفاً أن "الأموال التي ستعود إلى خزينة الدولة من هؤلاء المختلسين تتراوح بين 3/4 مليارات دولار".
وكان رئيس هيئة النزاهة حسن الياسري قد أبدى أسفه لما سببه قانون العفو العام من إطلاق سراح الكثير من المحكومين بقضايا فساد، مبيناً أن ذلك القانون تسبب "بمقتلنا" بعد شمول 3542 متهماً ومحكوماً عن 113 قضية.
ويبرر الزوبعي تضمين قانون العفو العام بفقرات تسمح بالإفراج عن مختلسي المال العام بالقول إنه "لا طريقة أمامنا بعد فشل كل مؤسسات الدولة العراقية في استرجاع ما يقرب من أكثر من ألف ملف استرداد"، مؤكداً أن "هولاء السياسيين والمختلسين لا يحقّ لهم المشاركة في الانتخابات بعد صدور قيد جنائي بحقهم".
ونشرت هيئة النزاهة، تقريرها السنوي لعام 2017 وتضمن "استرجاع أكثر من 132 ملياراً الى خزينة الدولة خلال عام 2017". مؤكدة أن "أنشطة الدوائر التابعة للهيئة أثمرت عن الحفاظ على أكثر من ترليون و300 مليار دينار من الضياع والهدر".
ويؤكد النائب عن اتحاد القوى العراقية أن "قانون العفو العام يشمل وزير التجارة السابق المدان فلاح السوداني في حال سدد ما ترتب بذمته من أموال وفقاً لأحكام قانون العفو العام".
بالمقابل، يستذكر عضو في اللجنة القانونية البرلمانية كيف قامت "الكتل البرلمانية النافذة بعقد صفقات فيما بينها انتهت بتضمين قانون العفو العام مواد وفقرات تجيز إطلاق سراح مختلسي المال العام بعد تسديد ما بذمتهم من أموال"، لافتاً إلى أن "التعديلات تضمنت عدم اشتراط تنازل الممثل القانوني للدائرة المصابة بالضرر عن جرائم المال العام إنما بمجرد تسديد قيمة الضرر".
وتنص المادة الاولى/2 من التعديل على انه:- لا يشترط تنازل الممثل القانوني عن الحق العام إذا ثبت ما يلي تسديد ما ترتب بذمة المشمولين بأحكام قانون العفو العام من أموال ترتبت بذمتهم في الجرائم الواردة في الباب الخامس من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 المعدل المخلة بالثقة العامة.
ويؤكد عضو اللجنة القانوينة طالباً عدم الكشف عن هويته لـ(المدى) أن "الوزراء والمسؤولين المدانين بعمليات اختلاس للمال العام أغلبهم من الكتل الكبيرة النافذة التي أصرت على تمرير فقرة الاختلاس في قانون العفو العام لضمان إطلاق سراح أعضائها الفاسدين".
وصوّت مجلس النواب، في آب الماضي على التعديل الثاني لقانون العفو العام الذي استثنى جرائم الخطف، وبعض المستفيدين من إجراءات العفو السابق. 
وكذلك شمل التعديل جرائم الإرهاب التي وقعت قبل سقوط الموصل، واستبدال محكومية مزوّري الشهادات الدراسية ببدلات مالية. وتشمل التعديلات أيضا الوزراء والمحافظين المتورطين بقضايا فساد مالي وإداري.
وصحح مجلس النواب خطأً فادحاً بعد إقحام بعض البنود لم يصوت عليها في نسخة قانون العفو العام التي نشرت في جريدة الوقائع، وأدى هذا الخطأ الى شمول 200 محكوم بالعفو.
ورفعت مؤخراً اللجنة القانونية النيابية تعديلا ثانيا على قانون العفو العام إلى رئاسة مجلس النواب يتضمن معالجة بعض الأخطاء التي وقعت في التعديل الأول وتمريرها خلال الجلسات البرلمانية المقبلة بعد دراستها.
وبيّن عضو اللجنة القانونية زانا سعيد في تصريح لـ(المدى) أن "التعديل الثاني سيعالج الجنح والمخالفات لمن شمولوا في قانون عام 2008 ولم تحسم قضاياهم"، لافتاً إلى ان "القانون السابق ركز على شمول مَن حسمت قضاياهم وحكم عليهم بأقل من سنتين".
ويلفت إلى ان "البعض من المشولين لم تحسم قضاياهم كونهم كانوا موقوفين حينها وبالتالي حرموا من الاستفادة من قانون 2016".

محرر الموقع : 2018 - 02 - 14