تفكيك قانون النفط والغاز على 3 مشاريع لتسهيل إقراره في البرلمان
    

قد تلجأ الحكومة إلى تجزئة وتفكيك قانون النفط والغاز إلى عدة قوانين في المرحلة المقبلة لتتفادى كل الخلافات التي عطلت إقرار هذا القانون على مدار ثلاث دورات برلمانية متتالية. 

ودخلت الخطة الحكومية الجديدة حيز التنفيذ بإرسلها قانون شركة النفط الوطنية الى البرلمان الذي يعتزم التصويت عليه خلال الجلسات القادمة، على أن تلحقه بإعداد قانون خاص لمجلس الاتحاد النفطي الذي ستكون مهمته رسم السياسة النفطية في عموم العراق لتنهي به أكثر النقاط خلافية .
ويستعرض رئيس لجنة النفط والطاقة البرلمانية علي معارج البهادلي في مقابلة مع (المدى)، الأسباب والمواقف السياسية التي تسببت بتأجيل إقرار قانون النفط والغاز إلى الدورة البرلمانية المقبلة، قائلا إن "الخلافات بين الكتل البرلمانية تتسبب بتأجيل إقرار القانون طيلة السنوات العشرالماضية".
وعجز مجلس النواب على مدار ثلاث دورات برلمانية متتالية من فك شفرة الخلافات التي اعترضت تمرير قانون النفط والغاز بعد طرح أول نسخة من القانون عام 2007 التي سقطت بعد تحفّظ كبير من الكرد في مجلس النواب. 
وكانت المسودة الأولى قد منحت صلاحية لمجلس الوزراء إقرار السياسة النفطية العامة بضمنها التنقيب والإنتاج والنقل وحصرت التسويق عبر شركة سومو الوطنية ،الأمر الذي رفضته حكومة إقليم كردستان وعدّته خرقاً للدستور الاتحادي. 
ويشترط الدستور الاتحادي في مادته (112) إلزام الحكومة والأقاليم والمحافظات المنتجة للنفط بالتعاون في رسم السياسات الستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز، على أن تقوم الحكومة الاتحادية بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة، كما تلزم بتوزيع وارداتها بشكلٍ منصفٍ يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع أنحاء البلاد، مع تحديد حصة لمدةٍ محددة للأقاليم المتضررة.
وتسببت الخلافات بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان على الكثير من بنود وفقرات قانون النفط والغاز، حينها، بتعطيل هذا القانون في الدورة البرلمانية الأولى وهي من أجبرت حكومة نوري المالكي الثانية على كتابة مسودة ثانية وأرسلتها الى البرلمان.
وأفرزت الخلافات الحادة بين التحالف الوطني والقوى الكردستانية طوال السنوات الماضية ثلاث صيغ لقانون النفط والغاز؛ الأولى موجودة منذ عام 2007 رفضت بعد اعتراض التحالف الكردستاني، أما النسخة الثانية فوضعت في عام 2010، إلا أن التحالف الوطني أبدى اعتراضه على القانون وانسحب من جلسة التصويت على المشروع، وأخيراً الثالثة وهي عبارة عن مقترح قانون وضعته لجنة النفط والطاقة البرلمانية السابقة لكنها رفضت من قبل الأطراف المختلفة.
وأكدت لجنة النفط والطاقة في السادس من شهر أيلول 2011 أن مشروع قانون النفط والغاز (الثاني) الذي قدمته الحكومة للبرلمان ينطوي على "خرق دستوري" لمصادرته حق المحافظات والأقاليم، مبينة أنه بالإمكان تعديل مشروع القانون وإثراؤه للتوصل إلى صيغة مناسبة يتم التوافق عليها بين الكتل السياسية.
ومن أهم النقاط الخلافية التي اعترضت تمرير مسودة عام 2011 هو ما يتعلق بكيفية تكوين مجلس الاتحاد النفطي وصلاحياته، وطبيعة عائدية الأموال النفطية والى أية جهة ستكون، وإعطاء صلاحيات للمحافظات في إدارة المؤسسة النفطية، وما هي الإدارة التي تتضمن تحديد صلاحية الوزير والمؤسسة النفطية وفق الدستور.
وقررت رئاسة مجلس النواب، في 13 أيلول عام 2012، تشكيل لجنة مصغرة لدراسة النقاط الخلافية بشأن قانون النفط والغاز ووضع مسودة جديدة للقانون، ضمت كلاً من وزير النفط (حينها) عبد الكريم اللعيبي ونظيره الكردستاني أشتي هورامي وممثل التحالف الوطني صفاء الصافي، وممثل التحالف الكردستاني فرهاد الاتروشي، وعن العراقية عدنان الجنابي.
واتفقت اللجنة البرلمانية المصغرة على تمرير مسودة قانون النفط والغاز لسنة 2011 التي تقدمت بها الحكومة إلى مجلس النواب بعد إجرائها بعض التعديلات وفقاً للتوافقات السياسية، لكنها لم تتمكن من تمرير هذا القانون.
ونشبت أزمة حادة بين بغداد وأربيل على خلفية إيقاف إقليم كردستان في (الأول نيسان 2012) ضخ نفطه حتى إشعار آخر، بسبب خلافات مع بغداد على المستحقات المالية للشركات النفطية العاملة فيه.
وبعد جدل عميق استمر لسنوات بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان الذي كان يدور على صلاحية تصدير النفط، توصل الطرفان في كانون الأول 2014 إلى اتفاق يقضي بتصدير الإقليم 250 ألف برميل من إنتاجه مع 300 ألف برميل من حقول محافظة كركوك مقابل أن تدفع بغداد حصة كردستان من الموازنة الاتحادية البالغة 17%، لكنّ هذا الاتفاق لم يدم طويلا وواجه صعوبات انتهت بتبادل الاتهامات بين بغداد وأربيل بعدم الالتزام .يذكر أن وزارة النفط دعت، في كانون الأول عام 2014 ، إلى الإسراع بتشريع قانون النفط والغاز، لتنظيم العلاقة بين الحكومتين الاتحادية والكردستانية وضمان توزيع الواردات النفطية على المحافظات المنتجة بنحو يضمن حقوقها.وألغت حكومة العبادي عام 2015 جميع النسخ السابقة لقانون النفط والغاز، وشكلت لجنة وزارية برئاسة ثامر الغضبان رئيس هيئة المستشارين في مجلس الوزراء لإعداد مسودة جديدة تنسجم مع الواقع والظروف الحالية.
ويلفت رئيس لجنة النفط والطاقة البرلمانية علي معارج البهادلي، إلى ان لجنته "لا تعلم شيئاً عن التعديلات التي أجرتها اللجان الحكومية على المسودة الجديدة لقانون النفط والغاز"، مؤكدا أنه "خاطب مجلس الوزراء عدة مرات للاستفسار عن القانون لكنه لم يتلقَّ أية إجابة".
ويرتكز قانون النفط والغاز على ثلاثة عناصر رئيسة، تتمثل في تشكيل شركة النفط الوطنية، وتأسيس المجلس الاتحادي النفطي،ووضع آلية معينة للتعامل مع الشركات العالمية النفطية التي تعمل في إنتاج النفط بالعراق.وحاولت لجنة النفط والطاقة البرلمانية الحالية البحث عن حلول توافقية تسهل تمرير هذا القانون الخلافي بعدما وضعت لكل من هذه العناصر الثلاثة قانوناً خاصاً يوزع إدارة الملف النفطي بشكل توافقي ودستوري.
ويشير النائب عن التحالف الوطني إلى أن لجنته "فككت قانون النفط والغاز استناداً إلى المرتكزات التي يتكون منها، وأرسلت مقترح قانون مجلس الاتحاد النفطي الى الحكومة للاطلاع على بنوده وفقراته، لكنّ الحكومة أبدت تحفظاً كبيراً عليه"، لافتاً إلى أن "ما نريده من عملية التفكيك، هو تمرير القانون بعيداً عن الخلافات".
ويمثل مجلس الاتحاد النفطي الذي ستكون صلاحياته أعلى من وزارة النفط، المظلة العليا في رسم السياسة النفطية للعراق التي تضم آلية الاستخراج والبحث والتخطيط والتطوير للثروة الوطنية التي يحددها القانون والدستور .
وينبه النائب عن محافظة ميسان إلى أنّ "النسخ السابقة لقانون النفط والغاز مرّ عليها أكثر من خمس سنوات وبالتالي تحتاج إلى تعديلات عديدة تتناسب مع المرحلة الحالية".
ويضيف رئيس لجنة النفط والطاقة البرلمانية أن "الحكومة أرسلت لنا قانون الشركة الوطنية قبل فترة وتمت قراءته الأولى والثانية وسيقدم للتصويت خلال الجلسات القليلة المقبلة"، لافتاً إلى ان "هذه الشركة ستشرف على شركات نفط البصرة وذي قار وميسان والشمال وسومو".وتعدّ شركة النفط الوطنية الذراع التنفيذي لوزارة النفط في قطاعي الاستخراج والتسويق لشركات النفط في البصرة وميسان وذي قار والشمال والشركات الساندة مثل الحفر العراقية وشركة الاستكشافات بالإضافة إلى بعض الدوائر من ضمنها شركة التسويق سومو وشركة الناقلات".
ويتابع البهادلي ان "جولات التراخيص حلت مشكلة التعامل مع الشركات النفطية العالمية التي لا تحتاج إلى تشريع قانون ينظم التعامل معها، فضلاً عن وجود عقود خدمة لهذه الشركات في إقليم كردستان"، مؤكداً انه "في حال استكملت هذه العناصر الثلاث ستغير الهيكلية العامة لقانون النفط والغاز وتعاد صياغته على وفق ما هو موجود".
على موازاة ذلك، أعلنت وزارة النفط، عام 2017 إنجازها مسودة قانون النفط والغاز وإرساله لأمانة مجلس الوزراء، مشيرة الى أن الهدف من المسودة هو السعي والعمل على الاستثمار الأمثل للثروة الوطنية للنفط والغاز.
لكنّ إقليم كردستان رفض أن يكون رئيس الوزراء على رأس الهرم في مجلس إدارة ملف النفط المتضمن قانون النفط والغاز، فضلا عن خلافات مع المحافظات المنتجة للنفط جعلت تمرير مشروع القانون أو حتى عرضه للقراءة الأولى أمراً صعباً خلال المرحلة الحالية.

 

محرر الموقع : 2018 - 02 - 17