بعد العاقول. ما لنا ومالهم؟
    

 بعد عشر سنوات ونصف من عمر تجربتنا العاقولية ـ نسبة الى الجمل الذي يحمل ذهبا ويأكل عاقولا ـ نجد أن الحاجة ماسة لتحديد مالنا أو علينا، وما لهم وما عليهم ـ ناـ أي نحن الشعب، ـ هم ـ أي الممسكين بآهاب السلطة...!

   بعد هذه التجربة العاقولية، يحق لنا أن نقول: أن من حقنا أن نرص أحلامنا في مصفوفة، تليق بانتسابنا لوطن "نشتهي" الانتساب له، لكن ما نشتهيه لسنا ببالغيه. ويحق لنا أن ندعهم يأخذون ما يشاءون من ثروات، وبالقدر الذي يمكن أن تتسعه خزائنهم، وحساباتهم البنكية في الخارج، لكن بالمقابل نطالبهم فقط أن يتركوا لنا الحلم ـ الوطن. أو الوطن ـ الكفن.

   يمكنهم أيضا أن يسكنوا أنى يشاءون، وأنى تفيد الزمان والمكان، يمكنهم أن يسكنوا في مانشيتات الصحف، وفي شاشات التلفزيون، وفي الفنادق والنوادي، وفي المناطق الخضراء المتعددة ـ صار لدينا في كل محافظة منطقة خضراء يحتمون بها ـ ونطلب منهم أن يدعوننا نسكن أنى نشاء حتى لو في المزابل والمقابر، شريطة ألا تمطر علينا خلافاتهم مفخخات وعبوات ناسفة، وأن لا يرسلوا صبيتهم يقتلوننا بالمسدسات الكاتمة. أه! كم نكره الموت الكاتم، لأنه يشبه الجوع النائم...!

   لهم النصف الملآن من الكأس، والشاشات الملونة، الورق الصقيل لمجلات شبكة الإعلام العراقي، الصحون المتبلة بالمايونيز، والجنسيات المزدوجة، الحسابات البنكية المنتفخة، والعرَّابون في مراكز القرار.... ولنا الآلام والمواجع كلها، شريطة أن لا يكونوا هم آلامنا ومواجعنا.... فالذي فينا يكفينا، ونريد أن نستعيد أوجاعنا التي عهدناها من قرون وسرقوها...! ... فقد سرقوا حتى الوجع الحسيني منا، نريد ما تراكم على ظهر الزمان من كمد وحزن، ولا بأس أن يتركوا لنا النصف الفارغ من الكأس...!

   نقبل بالأمراض والآفات وحوادث الطرق وخلافات القبائل، ومشكلات ضربات الشمس، نقبل أن ينسانا الزمان ونجلس على الحصران، ولا بأس أن تهاجمنا جحافل البق والذباب، وأن نشرب من مياه المستنقعات، ولهم أن يشربوا المياه المستوردة من السعودية، ويجلسوا في مؤتمرات الشرف السياسي، يتناولون الكافيار والقهوة العربية المهيلة، يوزعها شاب أرتدى كوفية وعقالا وحزاما بصف رصاص، كما يفعل العبيد في مضائف الإقطاع أيام زمان.

   لهم ما يشاؤون أن يختاروا من عسل النحل ومن أي طعم يشتهون، بطعم الأكاسيا، أو البرتقال، أو الكاميليا او الكاردينيا، لهم أن يتحكمون بأوقات نومنا، ولهم ان يمنعوا الهواء عنا، ولهم ايضا أن يحددوا لنا وقت معاشرتنا لنسائنا، بعد أن حددوا سيرنا وفق أرقام سياراتنا...! ولكن ليس لهم أن يزرعوا الشوك على طريق حلمنا، ولا أن يجبروننا على أن نطأطئ رؤوسنا.

كلام قبل السلام: ثمة شيء نسعى من اجله لا تفهموه. فعلى هذه الأرض ما يستحق أن نعيش له، أنه الكرامة.

سلام....

قاسم العجرش

محرر الموقع : 2014 - 04 - 17