في المؤتمر الدولي حول التجديد في المنبر الحسيني... وفي كلمة العلامة السيد مرتضى الكشميري يقترح على الخطباء ... ان يتقنوا اللغات التي تكون سببا في ايصال فكر الحسين (ع) واسرار نهضته الى الجيل الذي نشأ في الدول الاوربية
    
العلامة السيد مرتضى الكشميري يقترح على الخطباء الاجلاء :
• ان يتقنوا اللغات التي تكون سببا في ايصال فكر الحسين (ع) واسرار نهضته الى الجيل الذي نشأ في الدول الاوربية
• ان يتيحوا الفرصة لسامعيهم ومتابعيهم لا سيما الشباب منهم، لطرح الاسئلة والاستفسارات لما يدور في اذهانهم من أسئلة، ويا حبذا أن يكون ذلك عبر حوار مفتوح بعد المحاضرة.

 

جاء اقتراحه هذا وغيره في المؤتمر الدولي حول التجديد في المنبر الحسيني الذي عقد في النجف الأشرف في قاعة الشيخ الطوسي (ره) بمعهد العلمين للدراسات العليا، وقد قرأت كلمته بالنيابة في الجلسة الصباحية، واليكم نصها: 

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الهداة الميامين 
السادة العلماء الأعلام والمؤمنون جميعا، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 
وبعد:

إن من حسنات العتبة العباسية المقدسة إحياء تراث أهل البيت (ع) وأتباعهم، وهو أمر كنا نتوقعه منذ فترة طويلة، وقد تحقق هذا الحلم الآن وبحمد لله، سواء في إظهار العتبة الشريفة بحلتها الجديدة التي تسر الناظرين، أو طباعة الكتب التاريخية والعقائدية وغيرها المتعلقة بهذا التراث، وهي خطوة مباركة سيخلدها التاريخ للقائمين على العتبتين المقدستين.

هذا وما اتخذته من برامج لإحياء ذكرى اتباع هذه المدرسة لبيان ما قدموه من عطاء عبر أقلامهم كالمؤلفين والمؤرخين والمحققين أو من خلال محاضراتهم كالخطباء، لدليل واضح وجلي على اهتمام العتبتين لإحياء هذا الخط وتراثه. وما الموقف الجديد الذي أقدمت عليه العتبة العباسية وبالتعاون مع مؤسسة آل بحر العلوم الخيرية في النجف الاشرف، بإحياء ذكرى خطباء المنبر الحسيني ممن ارتحل منهم إلى رحمة الله ورضوانه، وتكريم من بقي اليوم منهم لهو دليل آخر على اهتمام المؤسستين بهذه الشخصيات الفذة.

وكان بودي الحضور والمشاركة في هذا الملتقى بمعهد العلمين اليوم وغدا في كربلاء المقدسة، لكني حُرمت من ذلك لظروفي التبليغة في الخارج، وليس عندي ما اقوله سوى ما خطر على بالي وهو إن سر بقاء التشيع إلى هذا اليوم وحتى ظهور القائم الحجة المنتظر (عج)، مردّه إلى قوتين مهمتين: 

1- نهضة الإمام الحسين (ع)
2- كيان المرجعية 

أما المرجعية فلا يسعني الحديث عنها في هذه العجالة، ولكن لابد من الاشارة اليها في هذا الجمع الكريم، فاقول أن المرجعية وبحمد لله تعالى كانت ولا تزال هي صمام الأمان للعقيدة الإسلامية الحقة، منذ انتهاء الغيبة الصغرى وحتى يومنا هذا. 

وخير دليل وبرهان ما حصل في الآونة الآخيرة من تحرك خطير كان يهدف للقضاء على التشيع ورموزه ومقدساته، فجاءت فتوى المرجعية العليا كصاعقة إلهية هدمت وحطمت كل ما سعى إليه المخربون، وبحمد الله أعادت للإسلام هيبته وشموخه بالفتوى المباركة وسواعد الأبطال العراقيين، ولولا موقفها الشريف حالا وسابقا لكان التشيع اثرا بعد عين.

فعلينا جميعا أن نعرف قدر هذه القوة وعناية الباري بها، وأسأله تعالى أن يديم ظلها الوارف على رؤوس الأنام إنه سميع مجيب. 

واما نهضة الحسين (ع) فكانت ولا تزال هي الفارق بين الحق والباطل، ولم يختلف موقف الامام الحسين (ع) عن مواقف جده وابيه وأخيه (ع)، فكما أن ضربة عليٍ (ع) يوم الخندق كانت تعدل عبادة الثقلين وكانت حدا فاصلا بين الايمان والكفر، كذلك موقف سيد الشهداء (ع) في يوم عاشوراء كان حدا فاصلا بين الإيمان والكفر.

وبموقفه هذا (ع) اعاد للاسلام جدته ورونقه، وأهار أحلام اولئك الذين كانوا يريدون القضاء على الإسلام بقتلهم الحسين (ع)، وبقي (ع) وسيبقى رمزا للمناضلين والمجاهدين والمدافعين عن الحق في كل زمان ومكان. 

وعلى الأفق من دماء الشهيدين            علي ونـجـله شـاهـدان
فهـما في أواخر الليل فجـران            وفـي أوليـاتـه شـفـقـان
ثبتا في قميصه ليجيء الحشـر            مسـتعـديـا إلى الرحمن 

لقد شاء الله أن يجعل هذه النهضة المباركة رمزا للإسلام المحمدي في كل عصر، ومهما اجتهد أئمة الكفر وأتباع الضلال على محو أثره فلا يزداد إلّا علوّا وشموخا، ولا يزداد اعدؤه إلّا ذلّا وانتكاسا. 

كذب الموت فالحسين مخلد            كلمَا مر الزمان ذكره يَتجدد 

وتتجلى بعض هذه العظمة الربانية بمجالس الحسين (ع) وزياراته كزيارة الأربعين وغيرها، ولسان حال هذه النهضة اليوم وبالإمس هم خطباء المنبر الحسيني الذين اثروا الساحة بعلومهم ومعارفهم وتوجيهاتهم ونصائحهم على مختلف لغاتهم وقومياتهم في كل مكان وزمان، وما أن يهلّ المحرم الحرام إلا وتجدهم كالأسود الضارية يهبون لإيصال صوت الحسين (ع) ورسالته، وأنا كأحد افراد خدمة هذه المؤسسة أنصح نفسي وإخواني بما اشير به إليهم وأنا كناقل التمر إلى هجر: 

أولا: أن يكون الخطيب متحليا بالفضائل والكمالات، ومنها معرفته باللغات المتعددة، خصوصا لإولئك الخطباء الذين يذهبون للتبليغ في البلدان الأوروبية، فاللغة المحلية تمكنهم من إيصال فكر الحسين (ع) وأهداف نهضته إلى الجيل الذي نشأ في تلك البلاد البعيدة. 

ثانيا: أن يكون الخطيب واعيا لما يدور حوله في الساحة من أفكار ورؤى مضللة ونظريات ينشرها دعاة الضلال والفساد عبر مواقع التواصل التي أفسدت عقيدة الكثير من شبابنا وافلاذ أكبادنا. فعلى الخطيب أن يكون هو الرقيب الآخر بعد الأبوين على دحض مثل هذه الأفكار المنحرفة، ومعالجتها بما يملكه من خبرة علمية وعقائدية وفكرية، لأن مهمة الخطيب هي كالطبيب في تشخيص الأمراض ومن ثم معالجتها. 

ثالثا: على الخطباء أن يعلموا بأنهم حملة رسالة 124 ألف نبي أولهم آدم (ع) وآخرهم الخاتم (ص)، وخلاصة رسالتهم تزكيتهم وتعليمهم ورفع المستوى الأخلاقي والتربوي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو شعار الإمام الحسين (ع). 

رابعا: على الخطباء أن يتحيوا الفرصة لسامعيهم ومتابعيهم لا سيما الشباب، بالسؤال والإستفسار عما يدور في أذهانهم، أو ما يطرح في المحاضرة من افكار ورؤى قد تكون جديدة عليهم، أو ما يصلهم من أفكار مغلوطة أو مضللة عن العقيدة والدين، فيجيب الخطيب عليها ويقوم بتوضيحها لهم حتى لا يضلوا وينحرفوا. 

كما نحبذ أن يكون عقب كل محاضرة، أو برنامج، حوار مفتوح مع الخطيب، وقد لمسنا لهذا اكبر الاثر من خلال برامجنا. 

واخيرا اهيب باخواني الحاضرين مراجعة توصيات المرجعية العليا للمبلغين ففيها ما يغنيهم من توصيات. 

ختاما ان ما أتمناه لكم ولمؤتمركم هذا الموفقية في إحياء هذا التراث العظيم الذي لو فصلناه عن جزئيات حياتنا اليومية لكانت مليئة بالتهافت والإضمحلال، وهذا ما نراه حاصل من خلال ما تقوم به هذه الجماعات التكفيرية وداعميها وغيرهم وذلك لبعدهم عن منهج اهل البيت (ع). 

سائلا المولى جلّت عظمته أن يحفظ العراق وشعبه وأن ينصر جيشه وقواته الأمنية وحشده والمخلصين من أبنائه على اعدائهم إنه سميع مجيب. 

((وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ))، ((الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبا)). 

أقل خدمة سيد الشهداء (ع)
البعيد عنكم ببدنه، القريب منكم بقلبه ومشاعره
مرتضى الكشميري
لندن

محرر الموقع : 2017 - 03 - 16