عن ذكرى انتصار الثورة الاسلامية؛ حَدَثٌ غيَّرَ مَجْرى التّارِيخ
    

  نـــــــزار حيدر

  *أَدناه، نصّ الحوار الذي أجراه مؤسّس ومدير شبكة (فارس عرب)الإليكترونية، الإخباريّة الاجتماعيّة، الاستاذ الحاج صلاح عبد الامير النجار، عن ذكرى انتصار الثورة الاسلامية في ايران وما حققهُ الحدث - التاريخ في المنطقة والعالم.

  السّؤال الاول؛ تشهد الجمهورية الاسلامية في ايران هذه الايام احتفالاتميليونيّة احياءً لذكرى انتصار الثورة الاسلامية.

   ما هو تاثير ذلك على الشّعوب الاخرى؟.

   الجواب؛ انتصار الثورة الاسلامية في ايران علم ١٩٧٩ كان الحدث التاريخيالابرز الذي شهده العالم والذي أحدث زلزالاً مدوّياً في المنطقة والعالم لا يمكنمحو آثاره لعقودٍ مديدةٍ قادمة.

   انّها الحدث الذي حقّقهُ الشعب الإيراني الاعزل ضد اعتى نظام شموليديكتاتوري وقتها، نظام الشّاه، والذي كان يمتلك خامس أقوى الجيوش في العالموالمدعوم من كلّ قوى الاستكبار العالمي، بما فيها الكيان الصهيوني، ولذلكاعتبرت شعوب العالم المستضعفة والمقهورة هذا الانتصار بمثابة الدّرسوالتجربة على قدرتها في تحقيق الانتصار وانتزاع حرّيتها وكرامتها من الحكّامالظالمين اذا ما قرّر الشعب والتفّ حول قيادة شجاعة حكيمة مخلصة لقضيّتهاولشعبِها.

  ولذلك فعندما تمرّ ذكرى الانتصار كلّ عام فهي بمثابة محطّة الذكرى المتجدّدةالتي تقف عندها الشّعوب لإعادة النّظر في حالها البائس الذي تمرّ فيه بسببالنُّظم الاستبدادية الديكتاتورية التي سحقت حقوقها وصادرت كرامتها وبدّدتطاقاتها واستأثرت بخيرات بلادها، خاصّة شعوب المنطقة التي تمرّ مع الذكرىفي اوضاع مأساويّة على مختلف الاصعدة، تقف على رأسها الارهاب الأعمىباسم الدّين الذي يروّج له ويدعمه ويحتضنه نظام القبيلة الفاسد الحاكم فيالجزيرة العربية. 

   السّؤال الثاني؛ كونك احد المواطنين الذين تعرّضوا للاضطهاد على يد نظام الطّاغية الذليل صدام حسين وصدرت بحقّك احكاماً بالإعدام غيابياً في خمسة قضايا سياسية مختلفة قبل ان تفلت من قبضة النّظام  واجهزه القمعيّة وتهاجر الى خارج البلاد، ما هي ذكرياتك عن تلك الأيام؟.

   الجواب؛ الشّعب العراقي هو من اكثر شعوب المنطقة والعالم تفاعلاً وتأثّراً بالثّورة الاسلامية لكثرة الوشائج التي تربطه بالشعب الإيراني الثّائر والمنتصر آنئذ، ولذلك كان من اكثر الشّعوب التي دفعت ثمناً غالياً جداً لذلك.

   في فترة الثّورة واشتعال أُوارها ضد نظام الشّاه والتي استمرت قرابة (١٥) شهراً، كان النظام الديكتاتوري الحاكم في العراق يُراقب العراقيّين في كلّ صغيرةٍ وكبيرةٍ لمنعهم من متابعة احداث الثورة، والتفاعل والتّعاطي معها، خاصّة متابعة وسائل الاعلام الخارجيّة بعدَ ان تجاهل وطعن اعلام النظام بالثّورة وقيادتها وشعبها، وعلى وجه الخصوص إذاعة مونت كارلو التي تخصّصت وقتها بنقل وقائع واحداث الثورة لحظةً بلحظةٍ تقريباً، الا انّنا، الشّباب الحركي والثّوري آنئذ، كنّا نتفنّن في ونبتكر طرق عدّة لمتابعة اخبار الثورة وقيادتها ورموزها لنقلها الى الشّارع وتحليل هذه التطورات وتصحيح الاكاذيب والافتراءات التي كان ينشرها إعلام النّظام المستبدّ لتشويه صورة الثورة وتزييف الحقائق، وللآن اتذّكر كيف كنّا نزحف الى الجبل مع غروب شمس كلّ يوم، نحن مجموعة من الشّباب الطلبة في جامعة السُليمانيّة، ومعنا جهاز الراديو الصغير لنستمع الى اخبار الثورة واحداثها اليومية من راديو مونت كارلو، فكنا نجلس في قمّة الجبل في عزّ الشتاء القارس، لنبتعد عن عيون ازلام النّظام الديكتاتوري من جانب ولتأمين التقاط أفضل لموجة الإذاعة وذبذباتها التي كان النظام واجهزتهِ المختصّة تشوّش على بثّها للحيلولة دون التقاطها من قبل احد، خاصّة في اجهزة المذياع الصغيرة.

   في صباح اليوم التّالي ننقل ما سمِعناه من الإذاعة وما قمنا بتحليلهِ من هذه الأخبار الى زملائِنا من طلبة الجامعة ممّن نثق به انّهُ غير مدسوس او مرتبط بالحزب الحاكم او بما كان يُعرف بالاتّحاد الوطني لطلبة العراق، وهو أحد أذرع النظام الشّمولي الضاربة في صفوف الطلاب.

   في عام ١٩٧٩ عندما أزاح الطّاغية الذليل صدّام حسين (الرئيس) العجوز احمد حسن البكر عن السّلطة ليحل محلهُ في الدّولة والحزب والقوات المسلّحة، بادرَ فوراً الى شنّ حَمْلَةِ اعتقالاتٍ عشوائيّةٍ واسعةٍ جداً ضدّ الشّباب الملتزم، انتهت بإعدام مئات الآلاف منهم، طبعاً من دون ايّ سبب او محاكمة حتى صوريّة، ولقد كانت حصّة جامعة السّليمانية وقتها ان تم اعتقال وإعدام حوالي مئة من خيرة الطّلبة سواء من ناحية التعليم والذكاء والاخلاق او من ناحية الانتاج الفكري والأدبي والثّقافي، اذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر، الشّهداء السّعداء الأبطال؛ السيد محمد جابر سُنبة، الأديب والشّاعر الكبير والمبدع علي الرماحي الذي كان بالنّسبة لي اكثر من اخ وأكثر من صديق وأكثر من زميل، المهندس الزّراعي بشير علاوي الصّباغ، المهندس عبّاس خضيّر عنجور، المهندس جعفر عبد الكريم الكوّاز وشقيقتهُ المهندسة الزّراعية، وآخرون كثيرون، رحمهمُ الله تعالى.

   السّؤال الثّالث؛ کیف تُقارن بین مرحلتين للجمهوریة الاسلامية في ايران،مرحلة الانتصار واليوم؟.

   الجواب؛ عندما يعود المجتمع الدولي الى ايران بعد (٣٧) عاماً من المقاطعةوالتربّص والكيد والمكر بها، كان أخطرها الحرب العبثيّة التي شنها الطّاغيةالذليل صدام حسين على الدّولة الفتيّة التي لم تكتمل بعد بناء مؤسّساتها، فلذلكمعنىً كبيراً جداً.

   انّهُ دليل الصّمود والاستقامة الذي أنتجتهُ حكمة القيادة وتحمّل الشعب وحبهُلثورتهِ واستعدادهِ لدفع الثّمن مهما كان غالياً من أجل حماية منجزاتهِ، وكفى بذلكفخراً.

   السّؤال الرابع؛ ما هي الاسباب التي دفعت بدول المنطقة آنئذ ان تتّخذ موقفاًعدائياً من الثورة؟ وها هي تتّخذ الموقف نَفْسَهُ من العراق بعد ٢٠٠٣؟.

   الجواب؛ ثلاثة أسباب وراء هذا الموقف العدائي؛

   السّبب الاول؛ طائفي، فبعد ان كان نظام الشّاه الاستبدادي صديقاً حميمياً لهم، اذا بهم يكتشفون فجأة بأَنّ الإيرانيين فرس ومجوس وصفويين وغير ذلك من الصّفات التي ظلت خافية عليهم لازال الشّاه يسوقهم بالعصى والذِّلّة والعبوديّة.

   السّبب الثاني؛ سياسي، فالثورة اخرجت ايران من المنظومة الاستعمارية والاستكبارية التي ظلت جزءاً منها زمن الشاه، والذي كان يلعب فيها شُرطي المنطقة.

   لقد نقلت الثورة ايران بكلّ امكانيّاتها وقدراتها وتاريخها وحضارتها وتأثيرها من صفّ المستكبرين الى صفّ المستضعفين.

   السّبب الثالث؛ هو خوف ورعب أنظمة المنطقة، وخاصّة الخليجيّة وعلى وجه الخصوص نظام (آل سعود) من ايّة عمليّة تغيير جذري يُبادر لها شعبٌ من شعوب المنطقة، فهذه الأنظمة الديكتاتورية تخشى التغيير الشعبي وتخاف الديمقراطية وأدواتها، ولذلك رأيناها كيف تعاملت مع العراقييّن بمنهجيّة الدّم والهدم لحظة سقوط الطّاغية الذليل ونظامهُ الشّمولي عندما اختار العراقيّون الديمقراطية كنظام سياسي يعتمد ارادة المواطن من خلال صندوق الاقتراع.

   **في نهاية الحوار، أتقدّم بالشكر الجزيل والثناء الجميل للأخ العزيز، صديق درب الجهاد ضد الاستبداد والديكتاتورية ونصرة المستضعفين، الاستاذ صلاح عبد الامير النجّار مؤسّس ومدير شبكة (فارس عرب) الإليكترونية، الإخباريّة والاجتماعيّة، لاتاحتهِ لي هذه الفرصة الثّمينة لأتحدّث في هذه المناسبة العزيزة لقرّاء ومتابعي الشّبكة، وكلّ عام والذّكرى وشعبها ومحبّيها وأَنصارها بألفِ خَيْرٍ.

محرر الموقع : 2016 - 02 - 12