الوقاية خيرٌ من العلاج
    
لؤي الموسوي
 
تُمثل شريحة الشباب الفئة الاكبر بين باقي مكونات المجتمع في اغلب بلدان العالم عموماً والعالم العربي والاسلامي خصوصاً، ولهذا تجدها اكثر استهدافاً من قبِل الجماعات المتطرفة ورجال الجريمة المنظمة في استغلاهلها وتوظيفها لتنفيذ اجنداتها ومآربها. 
 
شبابنا اليوم هو آسير لحالتين استحوذتا على حياة الشاب في مجتمعنا اولهما انه اسير للفكر والثقافة التي طغى عليها الخطاب المشحون الذي يحث على البغضاء والاقصاء المتمثل  بالخِطاب الديني الطائفي العنصري، والاخر تنامي الثقافة السطحية الخالية من المظمون التي تحمل القِشر دون الفحوى اشبه بقشرة البصل، واللتان افرزتا شريحة شبابية مشوهة فاقدة للوعي والادراك التي لا تستطع التمييز بين الصواب والخطء. 
 
إن ما يحدث لهذه الشريحة ليس اليوم فحسب بل ومنذ سنوات طويلة، من تهيش وإقصاء وإبعاد، من قبل الانظمة الحاكمة والمجتمعات التي تعيش فيها التي لم تولي عناية لها في اتاحة الفرصة في ان تاخذ دورها في رسم مستقبلها، مما جعلها ثمرة سهلة الاقتطاف، أسقطت في فخاخ التشدد والتطرف وجعله وقوداً رخيصاً لساحات العنف والقتال في معارك خاسرة، تلك الفخاخ والساحات والمعارك التي حصدت الآلاف من شبابنا الذي كان من المفترض أن يكون على مقاعد الدراسة أو في حقول الانتاج.
لكي لا يستمر النزف من طاقاتنا وثرواتنا الشبابية، آن الوقت لمكافحة الفساد وحالة الاستقطابات الفكرية الظالة التي تُمارسها المناهج والمنابر والفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي، وذلك عن طريق إيقاظ حالة الحس والانتماء الوطني وزيادة درجات الوعي.
كذلك مساعدتهم على الخروج من عنق الزجاجة من مظاهر التسطيح الفكري والثقافي والاجتماعي، وذلك بتسهيل انخراطهم في مصادر الإبداع والإلهام والانفتاح، كممارسة الهوايات والفنون والرسم والنحت والتمثيل والسينما والمسرح وفن السياسة وزجهم في مراكز القرار .
 
إصلاح نظام التعليم الذي يعتبر الرُكن الرئيس بلا شك في تكوين الشخصية المتزنة والمتكاملة والطبيعية لأطفالنا وشبابنا، من خلال وجود برامج وآليات واستراتيجيات ورؤى حقيقية وواقعية لإحداث نهضة تعليمية جادة.
كذلك إعادة القيمة الملهمة للرياضة، باعتبارها الساحة الأكثر جذباً وعشقاً للشباب، وضرورة تنقيتها من مظاهر العنف والتعصب والبذاءة، والإلحاح على تغليب الانتماء للوطن وليس للكيانات والرموز والاعتبارات الأخرى.
 
مواجهة حالة الانبهار المفرط لشبابنا بالتجربة الغربية، خاصة في جوانبها الشكلية والاستهلاكية، ولكن دون اللجوء لثقافة المنع والحجب والاستخفاف والتشكيك، ولكن بالتحصين الفكري والثقافي والأخلاقي وإشاعة مبادئ وقيم الحوار والانفتاح والتسامح والتعدد والتنوع والاختلاف، والأهم من كل ذلك وجود مصادر وتجارب وخيارات بديلة تجذب شبابنا.
ذلك ضرورة إقناع شبابنا بالعيش في عالمنا الواقعي بكل تفاصيله وتداعياته، والتقليل من حالة "الإدمان الإلكتروني" التي شكلت عالمهم الافتراضي بكل ما فيه من وسائل ووسائط وتطبيقات.
 
في هذه المرحلة الحرجة ما أحوجنا لاقتباس مشروع خيري بأنشاء مركز ثقافي وطني، القائمين عليه من النُخب الثقافية اكاديمية حوزوية يُعنى بالشباب ليجذبهم اليه عن طريق مخاطبتهم بلغة العصر وبيان مكانتهم وتطوير القدرات والمهارات التي يمتلكها الشاب وتنميتها في رسم ملامح جديدة لغدٍ مٌشرق.
محرر الموقع : 2017 - 11 - 23