"اختلاف أمتي رحمة".. أصبح في العراق "نقمة"! ولأعدائه "نعمة"!؟
    

 

سالم لطيف العنبكي

 

من أخطر ما يمر على العراق وشعبه اليوم؛ ظاهرة الاختلاف أو الخلاف! وكلاهما يهدد المجتمع العراقي بالتفرقة والتشتت والتعنت الذي يؤدي في النهايات إلى تحقيق الأهداف المرسومة والمطلوبة لهذا البلد العراق وشعبه المبتلى بالتفرقة والحروب ويصبح بيئة صالحة لإشعال نار الفتنة بين أبناءه متى ما أراد الأعداء إضعافه وعرقلة تقدمه ومنع وحدة شعبه خوفاً من أخذ دوره الحقيقي في المنطقة بعودته إلى تأريخه المعروف وحضارته المشهودة ومن ثم يكون النموذج الذي يتبع في المنطقة ويهدد مصالح المستعمرين والمحتلين الطامعين في العراق وفي عموم المنطقة.

لقد وصل العراق وشعبه اليوم إلى أخطر مراحل وجوده عندما نرى أن – وبكل صراحة ووضوح- أن الطائفة الشيعية منقسمة فيما بينها ومشتتة ومشرذمة في جماعات وأحزاب ومرجعيات متعددة! مذهبياً! وجماعات أخرى – سياسياً - تتخذ نفس المسار في الاختلاف أو الخلاف وتتزاحم على المناصب والمكاسب والهيمنة على مناطق تعتبرها مغلقة لها وتتصدى للأخرى إذا زاحمتها عليها.

والأخطر من هذا الخطر هو تمزيق وتشتيت المجتمع أو الطائفة الشيعية وتعدد ولاءاتها وتوزيعها بين تلك التنظيمات والجماعات مما يسهل للأعداء التحكم في توجيههم وبث التفرقة والحقد بين تلك المجاميع إلى حد الصدام والاقتتال والتسقيط كما يحدث اليوم في العراق وبين شعبه.

كذلك الحال ينطبق على الطائفة السنية العراقية؛ فهي الأخرى يشملها كل ما تقدم؛ ومن هنا علينا تقدير الكارثة التي تحل بالشعب العراقي اليوم وما سوف يحدث في المستقبل تمهيدا لتقسيم العراق و تفتيت شعبه تحضيرا لحروب أهلية بين الأقاليم! إذا أضفنا لهذا الحال إقليم كوردستان الذي هو الآخر تسود فيه هذه الحالة التي هي الآن يغطيها الرماد! وتحميها قوات الاحتلال ولا تسمح بنشوبها في الوقت الحاضر!!.

إن ما يسمى بدول الجوار مسئولة إلى حد بعيد عن هذا الوضع المزري في العراق وتشتيت شعبه بين طوائف وقوميات ومذاهب أو بالأحرى إثارة هذه الشرائح بعضها على بعض بل إثارة كل طائفة أو قومية أو مذهب على نفسها للإيغال في تمزيقها ولسهولة السيطرة عليها ومن ثم تدميرها إذا دعت الحاجة إليها استنادا إلى قاعدة "تقسيم المقسم؛ وتجزئة المجزأ" أو "فرق وجهل تسُد" وهو ما يجري اليوم على الشعب العراقي وهو "فرحان"! بتظاهراته التي هي الأخرى منقسمة وملونة وبعضها "ملوثة"! وهذا الحال الذي هو بعيد عن أي شكل من أشكال الوحدة لا يؤدي إلا إلى  الخراب والدمار والموت وأخيراً الفشل كما هو حاصل اليوم ...التظاهرات الغير موحدة ومشتتة الأهداف في واد والسياسيون الفاسدون في واد آخر يحضرون لحكومة فاسدة أخرى بعيدا عن التظاهرات والمتظاهرين المبتهجين بالحجارة وقناني المولوتوف وتشييع الشهداء! إلى أن ينهوهم ويشكلوا الحكومة التي تريدها الأحزاب والجماعات والمرجعيات ذاتها!! وتحصل الأحزاب والجماعات الشيعية حصتها وكذلك السنية ما تريد ويفرض الأكراد إرادتهم بدعم أميركي وإسرائيلي ثم يتحول الخلاف والاختلاف بين الأحزاب والجماعات إلى السعي وراء المكاسب والمغانم والمناصب ويصبحوا كمن يرمي العظام للكلاب لتكف عن النباح والنهش في جسم الشعب العراقي المنهك المتفرق والمشتت الذي لا حول له ولا قوة طالما فقد الوحدة والاعتصام بحبل الله جميعا ولا يتفرقوا فتذهب كل ضحاياهم وطلباتهم أدراج الرياح ويبقى الإنسان العراقي المغلوب على أمره فقيرا مريضا عاطلاً عبداً مطيعا للأصنام الجديدة!!؟ وبانتظار نضوج الحرب المهمة بالنسبة لأميركا وإسرائيل والسعودية وهي {الحرب الأهلية الشيعية – الشيعية} حتى إذا يستنزفوا ويزاحوا عن المسرح تبدأ تلك القوى للتحضير لحرب أهلية أخرى هي {الحرب الأهلية السنية- السنية} .. أما {الحرب الأهلية الكوردية – الكوردية} فهي مؤجلة الآن لأنهم يقومون بالواجب ويطيعون الأوامر ويكرمون الضيف!! .. القواعد الأميركية والاستثمارات الإسرائيلية والخليجية وعناصر الموساد في خدمة الأكراد!!؟.
 
 
محرر الموقع : 2020 - 02 - 25