ما علاقة أمريكا بحقيبتي الدفاع والداخلية العراقيتين؟
    

لا نجانب الحقيقة اذا قلنا بان حقيبتي الداخلية والدفاع في حكومة السيد عادل عبدالمهدي تتعرضان لتدخلات خارجية، واكثر هذه التدخلات هي التدخلات الامريكية ، التي تعتبر هاتين الحقيبتين العصب الحقيقي للحكومة الجديدة.

ومنطلق هذه الاهمية لهاتين الحقيبتين بالنسبة لامريكا، لان لهما علاقة باجندتها المريبة في داخل العراق، بعد ان فشلت بانهاء العراق من خلال عصابات داعش الارهابية التي قضي عليها على يد القوات الامنية العراقية وفصائل المقاومة في الحشد الشعبي .

المؤسف بالموضوع ان هناك من الجهات السياسية في داخل العملية السياسية تتبنى بدون اي خجل وجهة النظر الامريكية في موضوع هاتين الحقيبتين، فامريكا تسعى لتعيين شخصيات تعتقد انها قادرة على تقمص ادوار عدم عرقلتها في تنفيذ هذه الاجندات المشبوهة.

ان كل المؤشرات الموجودة على الارض تشير الى ان امريكا ما زالت تتلاعب بورقة عصابات داعش الاجرامية، وما زالت تتعامل بها ، لتقويتها من جديد وتنفذ من خلالها مشاريع ارهابية جديدة، وهذا ما كشفته الاستخبارات الروسية ، اليوم الاثنين 18 كانون الاول 2018 .

فقد رصد طيران الاستطلاع الروسي قوافل صهاريج تابعة للعصابات الارهابية المنتشرة شرق نهر الفرات تقوم بتهريب النفط السوري باتجاه تركيا والعراق بغطاء مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية والتحالف الذي تقوده.

وكشفت روسيا انها تملك صورا حديثة التقطتها الأقمار الصناعية وطيران الاستطلاع الروسي لقوافل صهاريج تابعة للعصابات الارهابية المنتشرة شرق نهر الفرات ، مشيرة الى، ان “هذه الصور تثبت تورط قوات التحالف الأمريكي بدعم الإرهابيين في سوريا وتقديم المساعدات لهم مقابل سرقة النفط الذي تذهب عائداته إلى جيوب متزعمي التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها داعش والقوات غير الشرعية الموجودة في تلك المناطق”.

هذا الامر ينبيء بحرب جديدة تريد امريكا شنها في المنطقة ، وخاصة في العراق وسوريا، لهذا من الطبيعي ان تقوم امريكا بمحاولة التدخل بتسمية الشخصيات المرشحة لتسنم حقيبتي الداخلية والدفاع، او بتأخيرها على اقل التقادير، وهذا ما افصحت عنه احدى الدراسات الاستراتيجية ، التي قالت ، ان “هذا التأخير لن يصبّ بطبيعة الحال إلا في مصلحة أمريكا التي تريد حصة من الكعكة العراقية مهما كلف الثمن، خاصةً وأنها غرقت في وحل العراق لسنوات طويلة دون أن تنجز أي شيء يذكر لا على مستوى الديمقراطية ولا على مستوى إرساء الأمن بل على العكس ما شهده العصر الأمريكي في العراق كان سوداوياً ومخيفاً، حيث ظهر التنظيم الإرهابي “داعش” هناك، وتمّت تغذيته حتى تحوّل إلى سرطان استشرى في كل أرجاء العراق”.

واضافت الدراسة، انه “لولا تضافر جهود العراقيين ودعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية لهم في تلك المرحلة لكان هذا السرطان عمّ أرجاء الشرق بأكمله، وبعد تطهير العراق من رجس “داعش” على عكس ما كانت تتوقع واشنطن التي أثبتت عشرات التقارير الدولية بأن لها اليد الكبرى في دعم التنظيم الإرهابي انتقاماً من العراقيين الذين أخرجوها ولسهولة السيطرة على العراق في نفس الوقت، بعد ذلك وجدت أمريكا أن ليس لها “لا ناقة ولا جمل” في المعادلة السياسية الجديدة بعد خروج “داعش”، لذلك كان لا بدّ من السعي للتعطيل.

هذا ما يجري اليوم حقاً، ولكل من يريد أن يتأكد من ذلك ما عليه سوى مراقبة، تحركات المبعوث الأمريكي لدى تحالف واشنطن، الذي يكثّف تحركاته هذه الفترة بغرض إيجاد مكان لأمريكا في التركيبة السياسية المقبلة، وحتى اللحظة لا يبدو أنه قادر على ترك أي بصمة لأمريكا في الحكومة .

ورغم ان هذا الامر يعني ان بوادر الارادة الوطنية العراقية حاضرة، وقدرتها على التغلب على الارادة الامريكية ومن يمثلها في داخل العراق، الا انه لا يعني ترك الامور سائبة وعدم الحذر من المخططات الامركية ، المقبلة باجندة مخيفة، لاسيما بعد ان تعالت الاصوات بضرورة (قص الجناح الامريكي) واخراج قواته من العراق بقرار او قانون وطني تتبناه القوى العراقية الوطنية في داخل مجلس النواب.

لذا من واجب القوى الوطنية العراقية ان تعي جيدا خطورة الموقف، ودراسة النية الامريكية جيدا ، وان تركن الى لغة العقل وحسم هاتين الوزارتين بارادة وطنية رصينة ، وعدم السماح للاذرع الامريكية التي تتمنى ان تسند امر هاتين الوزارتين الى شخصيات ضعيفة غير قادرة على مواجهة مخططاتها.

محمود المفرجي الحسيني

محرر الموقع : 2018 - 12 - 18