لماذا تدفن نفسك قبل الموت؟
    


في البلاد المتقدمة ،بلدان الغرب عندما يتقدم الانسان في العمر تظهر عليه ملامح الحياة السعيدة والرفاهية والراحة لانه قد تحرر من الكثير من الألتزامات وتفرغ لراحته وسعادته وهواياته وفي المقابل يذوي انسانا عندما يكبر .
دخلت الصالون وهي ترتدي أجمل أبتسامة تميط اللثام عن أسنان ناصعة وسعادة هائلة .قبل ان تشرع في قراءة الكتاب الذي أخرجته من حقيبتها الأنيقة تقدمت نحوها مصففة شعرها بأنشراح ، رحبت بها بحرارة ثم ناولتها صورة قائلة ((اخترت لك سيدتي هذه التسريحة شعرت انها تناسبك)) 
تصفحتها الزبونة السعيدة على عجل وقالت وهي تمد لها جوالها :لا لدي تسريحة اجمل منها ،انها في هاتفي.تأملت المصففة شاشة الهاتف الصغيرة بتأن ثم ابتسمت قائلة :لك ما تريدين .سرقت انتباهي تلك الزبونة البريطانية .لفتت نظري ليس بسبب ابتسامتها او تسريحتها ،بل بسبب عمرها انها تتجاوز الثمانين عاما ،لكنها تتحلى بروح وحيوية فتاة يافعة . مازالت تركض خلف الموديل والتسريحات الحديثة بحماسة ،مازالت تقبل على الحياة كأنها في العشرين . 
جارها الاسكتلندي الدكتور جيمس ميرليس(75عاما )الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد 1996 ، يتشبث بالحياة هو الاخر لكن واحلامه كثيرة .كان يتحدث بحبور في لقائه التلفزيوني كأنه فاز بنوبل أمس وليس قبل اعوام .كان سعيدا جدا وهو يمطر المذيع بكلمات صينية تعلمها قبل ساعات .لدى ميرليس شهية مفتوحة لالتهام المزيد من الكتب واللغات رغم ألام عينه الطفيفة .جدوله اليومي مزدحم بالفعاليات والانشطة والفواكه.يبدأ يومه في الساعة السابعة صباحا بالتهام صحيفة وتفاحة ثم ينخرط في قراءة ما تيسر من كتاب قبل ان يذهب الى الجامعة ثم عصرا يذهب الى المعهد لتعلم اللغة الصينية ومساء يزاول الرياضة وتصفح بريده الالكتروني.قبل ان يخلد الى النوم يتناول موزة وكتابا ،يقول :((كلما كان يومي متخما ازدادت بشرتي نصاعة وابتسامتي اتساعا )).يحلم ميرليس ان يتعلم الصينية والالمانية والكثير من المهارات التقنية المشارعة مستحظرا 
كلمات الفيلسوف الانجليزي ،فرنسيس بايكون :((الشيخوخة في الروح وليست في الجسد ))
الانجليز ليسوا وحدهم الذين يتمتعون بالحياة حتى أخر لحظة ،فالسنغافوريين يفعلون ذلك بمهارة .يعترف رجل الأعمال السنغافوري الناجح تشوباو (85 عاما) أنه لاينام سوى أربع ساعات يوميا .يقول :((لا أود أن أهدر يومي في الفراش )).يقضي تشو كل يومه في المكتب او مع ابنائه ، يلعب معهم كرة السلة او يطهو لهم .يرى السنغافوري أن الموت يهرب منه كلما وجده سعيدا. يقول في مذكراته التي صدرت قبل كم عام :((انا لا اخاف من الموت ،سيحملني يوما ما ...عاجلا أم أجلا،لكن لماذا أناديه قبل أوانه )).
المسنون في العالم يركضون ويستمتعون ،يتبرجون ويتعلمون،لكن أقرانهم في دولنا العربية مريضون ومكتئبون وحزينون،يدفنون قبل الموت ويعدمون انفسهم في الحياة 
لم لا نجد سبعينيا يمارس الرياضة او يدرس في الجامعة او يتعلم لغة اخرى ؟

ليث فائز العطية

محرر الموقع : 2015 - 04 - 25